قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ﴾ معناهُ : إعْلَمُوا أنَّ رسولَ الله لو يُجِيبُكم في كثيرٍ مما سألتموهُ لوقَعتُم في العَنَتِ وهو الإثمُ والمشقَّة. وَقِيْلَ : اتَّقُوا أن تَكذِبُوا رسولَ اللهِ وتقولوا بَاطلاً، فإنَّ اللهَ يخبرهُ فتُفتَضَحُوا، ثم قال : لو يُطِيعُكم الرسولُ في كثيرٍ مما تُخبرونَهُ فيه بالباطلِ لَعَنِتُّمْ ؛ أي لوقَعتُم في العَنَتِ وهو الإثْمُ والهلاكُ.
ثم خاطبَ المؤمنين الذين لا يَكذِبُون فقالَ :﴿ وَلَـاكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ ﴾ ؛ أي جعلَهُ أحبَّ الأديان إليكم، ﴿ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ ؛ حتى اختَرتُموهُ، ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ ؛ أي بَغَّضَ إليكم هذه الأشياءَ : الكفرُ ظاهر المعنى، والفُسُوق وَالكَذِبُ والخروجُ عن أمرِ الله، والعصيانُ : جمعُ معاصِي الله.
ثم عادَ إلى الخبرِ عنهم فقال :﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ ؛ أي المهتَدُون إلى محاسنِ الأمُور. ثم بيَّنَ أنَّ جميعَ ذلك تفضُّلٌ من اللهِ تعالى فقالَ :﴿ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ﴾ ؛ أي تَفَضُّلاً مِن اللهِ ورحمةً، ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ ﴾ ؛ بما في قُلوبهم، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ ؛ فيهم بعِلمهِ.


الصفحة التالية
Icon