قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ ؛ أي إصبرْ يا مُحَمَّدُ على ما يقُولون من الأذى والتكذيب، وهذا قبلَ أن يؤمَرَ بالقتال، قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ ؛ أي صَلِّ بأَمرِ ربكَ واحْمَدْهُ، ﴿ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ ؛ أرادَ بذلك صلاةَ الفجرِ وصلاةَ العصرِ. وَقِيْلَ : معناهُ : قبلَ الغروب : الظهرَ والعصرَ، ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ﴾ ؛ يعني : صلاةَ المغرب والعشاءِ. وسُمِّيت الصلاةُ تَسبيحاً لِمَا فيها من التسبيحِ :(سُبْحَانَ رَبيَ الْعَظِيمِ، وَسُبْحَانَ رَبيَ الأَعْلَى).
وقولهُ تعالى :﴿ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ ؛ يعني الرَّكعتين بعدَ المغرب وقبلَ الوترِ. وَقِيْلَ : التسبيحُ في أواخرِ الصَّلاة، يُسَبحُونَ اللهَ ثلاثاً وثلاثين، ويَحمَدُون ثلاثاً وثلاثين، ويُكَبرُونَ ثلاثاً وثلاثين. وعن رسولِ الله ﷺ :" أنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ عِنْدَ انْصِرَافِهِ :﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ... ﴾ إلَى آخرِ السُّورة ".
وعن الشعبيِّ والأوزاعيِّ أنَّهما قالا :(أدْبَارُ السُّجُودِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِب، وأدْبَارُ النُّجُومِ : الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ). وقال ابنُ زيدٍ :(مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ وَهُوَ النَّوَافِلُ، وَأدْبَارُ الْمَكْتُوبَاتِ).
قرأ الحسنُ وأبو عمرٍو ويعقوبُ وعاصم والكسائيُّ وابنُ عامرٍ :(وَأدْبَارَ) بفتحِ الألف جمعُ الدُّبُرِ. وقرأ الباقون بالكسرِ على المصدر مِن أدْبَرَ يُدْبرُ إدْبَاراً.


الصفحة التالية
Icon