قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾ ؛ معناهُ إنَّ مع الشدَّة التي أنتَ فيها من جهادِ " هؤلاء " المشركين رجاءَ أن يُظفِرَكَ اللهُ عليهم حتى ينقادُوا للحقِّ طَوعاً وكَرهاً، ﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾ لتأكيد الوعدِ وتعظيم الرَّخاء. وَقِيْلَ : معناهُ : فإن مع العُسرِ يُسراً في الدُّنيا، إنَّ مَع العُسرِ يُسراً في الآخرةِ.
وَقِيْلَ : إنَّ هذه الآية تسليةٌ للنبيِّ ﷺ وأصحابهِ فيما كانوا فيه من الشدَّة والفقرِ، يقولُ : إنَّ مع الشدَّة رخاءً وسَعةً. ورُوي أنَّ النبيَّ ﷺ لَمَّا نزَلت هذه الآيةُ قالَ لأصحابهِ :" أبْشِرُوا فَقَدْ آتَاكُمُ اللهُ الْيُسْرَ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ".
وإنما قالَ ذلك ؛ لأنَّ العسرَ مَعرفةٌ، و(يُسراً) نَكرةٌ، والمعرفةُ إذا أُعيدت كان الثانِي هو الأولُ، والنَّكرة إذا أُعيدت كان الثانِي غيرُ الأوَّل، واليُسر الأوَّل هو اليُسر في الدنيا يعقبُ العسرَ، واليسرُ الثانِي هو اليسرُ في الآخرةِ بالثواب، يقولُ الرجل لصاحبهِ : إذا اكتسبتَ دِرهماً فَأنفِقْ دِرهماً، يريدُ بالثاني غيرَ الأولِ، فإذا فقالَ : إذا اكتسبتَ دِرهماً فأنفِقِ الدرهمَ، فالثانِي هو الأولُ.
وعن ابنِ مسعود قال :((وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْ كَانَ الْعُسْرُ فِي جُحْرٍ لَطَلَبَهُ الْيُسْرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ، إنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ)).


الصفحة التالية
Icon