وأما وجه تقديم الدراسة التاريخية على الدراسة النظرية، فلأن موضوع الدراسة الثانية هو حصيلة ما وصل إليه تفسير القرآن بالقرآن من تطور ونضج، بعد تقلبه في مراحل مختلفة، عرف فيها النشأة والتطور المتدرج. فكان لزاما أن تستفيد هذه الدراسة النظرية من كل هذه التجارب التاريخية، وتسجل ما وجد فيها من وجوه تفسير القرآن بالقرآن..
ثانيا: أهمية البحث في هذا الموضوع
يعتبر هذا الموضوع غاية في الأهمية في الدراسات القرآنية واللغوية أيضاً، نظراً للمباحث الهامة المتعلقة به، ويكفي لبيان أهمية العناية به والبحث فيه أن ننبه على العناصر التالية:
١ ـ قيمة هذا النوع من التفسير
فقد أجمع السلف والخلف على أن أصح طرق التفسير وأجلها تفسير القرآن بالقرآن، فيه البيان الصادق لكثير من مفرداته وتراكيبه، وأحكامه وقصصه، ولا يصح تفسير يتجاوزه أو يخالفه، إذ لا أحد أعلم من الله تعالى بمراده من كلامه، لقوله تعالى:﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾، وقوله أيضا: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ(١٨)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ(١٩) ﴾.
٢ ـ انعدام تصنيف نظري مستقل جامع لمباحث هذا الفن وقواعده
لقد بذل المصنفون القدماء جهوداً عظيمة في خدمة تفسير القرآن بالقرآن، يتجلى ذلك في وفرة