قال تعالى : ؟ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ؟ الفسق: مأخوذ من فسقت النواة من التمرة إذا خرجت هذا في لغة العرب فسمِّيَ الخارج عن طاعة الله فاسقاً، والخروج عن طاعة الله أنواع فمنها كبائر ومنها صغائر ومنها صغائر يصر عليها ومنها صغائر لا يصر عليها والكلام في هذا يطول.
ثم قال سبحانه : ؟ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ ؟ النبأ : هو الخبر، فإذا جاءنا فاسق بنبأ ماذا نفعل؟
قال سبحانه: ؟ فَتَبَيَّنُوا ؟ بين الله وجوب التبيُّن من الأخبار حال ورودها من الفاسق وذلك لأن الأحوال إما قبول الخبر، أو رد الخبر، أو التثبت فيه، هذه هي الأحوال الثلاثة بالنسبة للإنسان إذا جاءته أخبار، هذا تأديب من الله لعباده إذا جاءهم خبر من الفاسق بأن لا يتسرعوا ولكن يتسرعوا في ماذا ؟ يتبادر إلى ذهن كثير من الناس أن لا يتسرعوا في قبوله، نقول ليس هذا فقط بل لا يتسرعوا في قبوله ولا في رده أيضاً يعني لا تصدق ولا تكذب لأنك إن صدقت فقد يكون الخبر كاذباً وإن رددت فقد يكون الخبر صادقاً، فانظر إلى تأديب الله لعباده. وفي قراءة أخرى: ؟ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَثَبَّتوا؟ والمعنى واحد أي تثبتوا من الخبر. ولكن لماذا نتثبت في خبره قال سبحانه : ؟ أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ؟٦؟ أي أمرناكم أن تتثبتوا في خبر الفاسق حتى لا تصيبوا قوماً وأنتم تجهلون أحوالهم فيقع ما يقع نتيجة هذا التسرع فتصبحوا في حسرة وندامة على تعجلكم في هذا الأمر.
فحينئذ هذا الأدب لابد أن يلتزم به الإنسان وألاّ يتسرع في قبول الأخبار، وإذا نظرنا إلى أحوال الناس اليوم وجدنا الكثير منهم يطير بالخبر من أي إنسان فتراه يقول فيه كذا وكذا فيأخذ الخبر على محمل الجد وعلى أنه صدق ثم يزداد الأمر سوءاً إذا قام الإنسان بنشر خبر الفاسق، فقد تندم إذا عملت بخبر الفاسق قبل