فهذا خطاب من الله للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بأن يفعلوا ما يأمرهم به وأن يوقروه ويتأدبوا معه ـ ﷺ ـ.
ثم قال سبحانه : ؟ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ؟ ولكن ماهو الأمر الذي يطيعكم فيه قال أهل العلم : لو أطاعهم ـ عليه السلام ـ في عقاب هؤلاء القوم الذين منعوا الزكاة لأنه لما جاء الرسول إلى النبي ـ ﷺ ـ وأخبره أنهم ارتدوا عن دينهم قال بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ نقاتلهم يا رسول الله فقال الله عز وجل : ؟ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ؟ أي : أطيعوا أمره وصدقوه واعلموا أنه لو أطاعكم في كثير من الأمر لعنتم: أي لشق عليكم ذلك الأمر.
ومنه أنه لو خرج ـ عليه الصلاة والسلام ـ لقتال أولئك القوم لحصل عليكم مشقة في الخروج وندم على قتال من ليس أهلاً للقتال. ومثَّل العلماء بعض الأمثلة منها: الوصال كان الرسول ـ ﷺ ـ يصوم اليوم واليومين ـ عليه الصلاة والسلام ـ فكان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ قد طلبوا منه أن يواصل بهم فواصل بهم ليلة أو ليلتين فرُئي الهلال فقال : لو لم يُرى لواصلت بكم كالمنكل بهم ومثلوا له بقيام الليل وذلك أن الرسول ـ ﷺ ـ قام بهم ذات ليلة فقالوا : لو نفلت بنا سائر الليل حتى يطلع الفجر فقال لهم النبي ـ ﷺ ـ :﴿ من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة تامة ﴾ فلو أطاعهم في هذا الأمر لحصل تعب ومشقة عليهم فتنطبق الآية على الأمثلة.