قال عز وجل : ؟ فَإِنْ فَاءَتْ ؟ أي امتنعت عن القتال ووضعت السلاح فإننا لا نقاتلها وإنما نصلح بينهما بالعدل فننظر إلى الإصابات والجروح وما تلف من الأموال فنقدر ذلك بالعدل والقسط لا نظلم طائفة على طائفة بل نعدل بينهما، لذلك قال سبحانه : ؟ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ؟ وهنا تنبيه عظيم من الله نلاحظ في الآية أن الإصلاح الأول مطلق ؟ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ؟ أم الثاني فمقيد بالعدل والقسط ؟ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ؟ فلماذا جاء في الآية الثاني ؟ بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ؟ مع أن الإصلاح الأول لا بد فيه من العدل والإقساط؟
هذا والله أعلم لأن الأمر الأول ليس هناك ما يدعوا إلى الميل إلى طائفة دون طائفة أما الثاني فإن النفوس تميل إلى المظلوم لأن هناك طائفة باغية معتدية وقد جرت عادة الإنسان أن يميل إلى المظلوم فناسب أن ينبه إلى العدل والقسط، فكأن معنى الآية لا يحملكم ظلم الظالم ووقوع الظلم على المظلوم أن لا تعدلوا بل لابد من العدل والقسط فننظر إلى ما يستحق هذا وما يستحق هذا، وقيل لأن الإصلاح الأول لوقف القتال فقط، والإصلاح الثاني في تقدير الأضرار، فلذلك ينبغي للإنسان إذا كان يتلو كتاب الله أن يتنبه إلى مثل هذه الأشياء يقول سبحانه في الآية الأولى : ؟ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ؟ وفي الآية الثانية ؟ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ؟ فعليك أن تتأمل الآيات وأن تتمعن وأنت تقرأ.