قال شارح الطحاوية : احتج الشافعي وغيره من الأئمة رحمهم الله تعالى بهذه الآية على الرؤية لأهل الجنة، وسئل مالك عن هذه الآية فقال: لما حجب أعداؤه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى يروه.
" في الآية : أن أعظم عذاب الكفار هو الحجاب عن ربهم.
" أعظم نعيم الجنة هو رؤية الله عز وجل.
وقال تعالى :( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ).
فالحسنى : الجنة، والزيادة : هي النظر إلى وجهه الكريم فسرها بذلك رسول الله - ﷺ - كما روى مسلم في صحيحه :
عن صهيب عن النبي - ﷺ - قال :( إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا، وتجنبنا النار، قال : فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم، ثم تلا هذه الآية : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ).
وعن جرير بن عبد الله قال : كنا جلوساً مع النبي - ﷺ - إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال :( إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) متفق عليه، يعني العصر والفجر. ( لا تضامون ) أي لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته.
معنى [ كما ترون هذا القمر ] يعني يراه المؤمنون في الجنة كما يرون هذا القمر، فليس المعنى أن الله مثل القمر، لأن الله ليس كمثله شيء، بل هو أعظم وأجل، لكن المراد من المعنى تشبيه الرؤية بالرؤية، فكما أننا نرى القمر ليلة البدر رؤية حقيقية ليس فيه اشتباه، فإننا سنرى ربنا عز وجل كما نرى هذا القمر رؤية حقيقية بالعين دون اشتباه.


الصفحة التالية
Icon