( قال الله تعالى : أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته).
قال القرطبي : هذا نص في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشقاق.
روى ابن جرير بسنده عن العزرمي يقول :"الرحمن الرحيم" قال :
الرحمن : لجميع الخلق، الرحيم : قال : المؤمنين.
قالوا : ولهذا قال تعالى :﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ﴾.
وقال :﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
فذكر الاستواء باسمه الرحمن، ليعم جميع خلقه برحمته.
وقال :﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ فخصهم باسمه الرحيم.
قالوا : فدل على أن الرحمن أشد مبالغة في الرحمن من (الرحيم) لعمومها في الدارين.
الرحمن عام والرحيم خاص
(الرحمن) : أي يرحم أهل الدنيا والآخرة، و (الرحيم) خاص بالمؤمنين يوم القيامة، إن الله يرحم المؤمنين والكافرين في الدنيا على السواء وذلك من نواحي أمورهم المعاشية، وأسباب حياتهم، وما يكفل لهم حياتهم الدنيا، فرحمته هنا عامة وإذا لم تكن الرحمة هذه عامة، لا تتكامل أسباب التكليف من الإنعام عليهم بنعمة العقد الذي بواسطته يعرفون الحق من الباطل، ونعمة تسخير ما في الكون ليستفيد منها أهل الأرض من الإنس والجن.
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾، فتكامل أسباب التكليف في الدنيا سيكون عليه في الآخرة مدار الحساب.
وأما ما جاء في الدعاء المأثور :
( يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما)، فقوله :
رحيمهما محمول على معنى أنه يرحم المؤمنين في الدنيا فيما أطاعوه من الإيمان به، وتنفيذ أوامره، واجتناب نواهيه وتسهيل سبل ذلك لهم، ويرحمهم في الآخرة بإدخالهم الجنة جزاء ما أسلفوا من إيمان وطاعة : فطاعتهم له في الدنيا رحمة منه تعالى، وجزاؤهم بالجنة، رحمة منه تعالى، وهذا معنى قوله : رحيمهما، والله أعلم.
فائدة مهمة :


الصفحة التالية
Icon