واستدل بهذه الآية الشافعي، ومن قال بقوله : إنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره، ولو قيل : إن الآية فيها دلالة لقول الجمهور بصحة الإحرام بالحج قبل أشهره لكان قريبا، لأن قوله :﴿ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ﴾ دليل على أنه يقع الفرض فيهن وفي غيرهن، وإلا لما كان في القيد فائدة ﴿ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ أي : يجب عليكم أن تعظموا حرمة الإحرام بالحج، وخصوصا الواقع في أشهره، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقضه من الرفث، وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصا التكلم في أمور النكاح بحضرة النساء، ﴿ وَلَا فُسُوقَ ﴾ : وهو جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام، ﴿ وَلَا جِدَالَ ﴾ والجدال هو المماراة والمنازعة والمخاصمة ؛ لكونها تثير الشر وتوقع العداوة، والمقصود من الحج الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنه يكون بذلك مبرورا، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء - وإن كانت ممنوعة في كل زمان ومكان - فإنه يتأكد المنع منها في الحج.


الصفحة التالية
Icon