هذه حالة من أحوال الزوجين غير الأحوال السابقة ؛ لأن الحالتين السابقتين : حالة نشوز الزوجة، وحالة وقوع الخصام واستطارة الشر بينهما، وهذه إذا كان الزوج هو الراغب عن زوجته، إما عدم محبة وإما طمعا، فأرشد الله في هذه الحال إلى الطريق الذي تستقيم به الأمور، وهو طريق الصلح من المرأة أو وليها ليعود الزوج إلى الاستقامة، بأن تسمح المرأة عن بعض حقها اللازم لزوجها على شرط البقاء معه، وأن يعود إلى مقاصد النكاح أو بعضها، كأن ترضى ببعض النفقة أو الكسوة أو المسكن، أو تسقط حقها من القسم، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها بإذنه، فمتى اتفقا على شيء من ذلك فلا حرج ولا بأس، وهو أحسن من المقاضاة في الحقوق المؤدية إلى الجفاء أو إلى الفراق، ولهذا قال :﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾.
وهذا أصل عظيم في جميع الأشياء، وخصوصا في الحقوق المتنازع فيها أن المصالحة فيها خير من استقصاء كل منهما على حقه كله ؛ لما في الصلح من بقاء الألفة، والاتصاف بصفة السماح، وهو جائز بين المسلمين في كل الأبواب - إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا -.


الصفحة التالية
Icon