ثم فصل ذلك بقوله :﴿ الْحُرُّ بِالْحُرِّ ﴾ يدخل في منطوقها وفي منطوق قوله :﴿ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ﴾ [المائدة : ٤٥] أن الذكر يقتل بالأنثى، كما تقتل الأنثى بالذكر، فيكون هذا المنطوق مقدما على مفهوم قوله :﴿ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى ﴾ مع دلالة صريح السنة الصحيحة قتل النبي ﷺ اليهودي بالجارية، وخرج من هذا العموم الأبوان وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك، مع أن في لفظ القصاص ما يدل على أنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده، ولأن ما في قلب الوالدين من الرحمة المانعة من صدور هذه الجريمة منهما على ولدهما ما يحدث الشبهة، إما أنه لا بد أن في عقلهما اختلالا أو أذية شديدة أحوجته إلى قتل ولده، أو لم يحرر أن القتل عمد محض.
وخرج من هذا العموم أن المسلم لا يقتل بالكافر لثبوت السنة بذلك، مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة، وليس أيضا من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه ﴿ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ﴾ ذكرا كان أو أنثى تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل مفهومها على أن الحر لا يقتل بالعبد لكونه غير مساو له.


الصفحة التالية
Icon