﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [آل عمران : ٤١].
وهذه آية كبرى، يمنع من الكلام الذي هو أسهل ما يقدر عليه الإنسان، وهو سويّ، فلا يقدر أن يكلم أحدا إلا بالإشارة، ومع ذلك لسانه منطلق بذكر الله وتسبيحه وتحميده، فحينئذ تمت له البشارة من الله، وعرف أنه لا بد أن يكون، فولدت زوجته يحيى، وأنشأه الله نشأة عجيبة، فتعلم وهو صغير، ومهر في العلم وهو صغير، ولهذا قال :
﴿ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴾ [حتى قيل : إن الله نبأه وهو صغير، وكما أعطاه الله العلم العظيم فقد من عليه بأكمل الصفات فقال :] ﴿ وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا ﴾﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم : ١٢ - ١٥].
ومضمون هذا وصفه بالقيام بحقوق الله، وحقوق والديه، وحقوق الخلق، وأن الله سيحسن له العواقب في أحواله كلها.
وأما مريم فإنها انتبذت من أهلها مكانا شرقيا، متجردة لعبادة ربها :﴿ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا ﴾ [مريم : ١٧].


الصفحة التالية
Icon