لئلا يشغلها أحد عما هي بصدده ; فأرسل الله لها الروح الأمين جبريل في صورة بشر سوي من أكمل الرجال وأجملهم، فظنت أنه يريدها بسوء، فقالت :
﴿ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ﴾ [مريم : ١٨].
فتوسلت بالله في حفظها وحمايتها، وذكرته وجوب التقوى على كل مسلم يخشى الله، فكان هذا الورع العظيم منها في هذه الحالة التي يخشى منها الوقوع في الفتنة، ورفع الله بذلك مقامها، ونعتها بالعفة الكاملة، وأنها أحصنت فرجها، فقال لها جبريل :
إنَّمَا ﴿ أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴾﴿ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ﴾﴿ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا ﴾ [به وبك وبالناس] ﴿ وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم : ١٩ - ٢١].
فلا تعجبي مما قدَّرَهُ الله وقضاه :