للجواب عما عملوا فتابوا إلى الله - عز وجل - عن كل ذنب، وتطهروا له من كل دنس، وأخلصوا له النيات في أعمالهم ليجيبوه عما سلف من ذنوبهم بالتوبة وعن إرادتهم في طاعته بصدق النية، فاستعدوا بالقرآن للعرض والسؤال منقادين له بذلتهم وخاشعين له باستكانتهم، لأنهم وقروه لإجلال المتكلم به غير مغيبين عن تلاوته لطلب حقائق معانيه، ولا مستهينين بحرماته فانتعشوا به من كل صرعة، وجبر الله لهم به من كل مصيبة، فما زال ذلك دأب العاقلين عن ربهم - عز وجل - لأنه ربيع قلوب المؤمنين، وراحة الراجين ومستراح المحزونين ن لا ينقص نوره لدوام تلاوته ولا يدرك قدر فهمه ولا يبلغ له غاية نهاية تالية أبداً لأنه كلام الله - جل ثناؤه - الذي تعلق المتقون بعروته والملجأ الذي آوى الراهبون إلى كنف رحمته.(١)
تحدثوا عن التفسير فقالوا :
قال الإمام الراغب الأصفهاني في مقدمة تفسيره : أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن وتأويله. وذلك أن الصناعات الحقيقية إنما تشرف بأحد ثلاثة أمور : إما بشرف موضوعاتها وهي المعمول فيها، نحو أن يقال : الصياغة أشرف من الدباغة لأن موضوعها - وهو الذهب والفضة - أشرف من جلد الميتة - الذي هو موضوع الدباغة.
وإما بشرف صورها، نحو أن يقال : طبع السيوف أشرف من طبع القيود
وإما بشرف أغراضها وكمالها، كصناعة الطب - التي غرضها إفادة الصحة - فإنها أشرف من الكناسة - التي غرضها تنظيف المستراح.