ومنها إن نظرت إلى قصة أبيك فإنه أقسم بأنه له من الناصحين ثم كان عاقبة ذلك الأمر أنه سعى في إخراجه من الجنة، وأما في حقك فإنه أقسم بأنه يضلك ويغويك فقال :" فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " ﴿ص : ٨٢، ٨٣﴾ فإذا كانت هذه معاملته مع أنه قد أقسم أنه من الناصحين فكيف تكون معاملته مع أنه أقسم أنه يضل ويغوي ؟!
ومنها : لما قال العبد " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " دل ذلك على أنه لا يرضي بأن يجاور الشيطان وإنما لم يرض بذلك لأن الشيطان عاص وعصيانه لا يضر المسلم في الحقيقة فإذا كان العبد لا يرضي بجوار العاص فبأن لا يرضي بجوار عين المعصية أولى.
ومنها : لقائل أن يقول :" لم لم يقل : أعوذ بالملائكة مع أن أدون ملك من الملائكة يكفي في دفع الشيطان. فما السبب في أن جعل ذكر هذا الكلب في مقابلة ذكر الله - تعالى - ؟ وجوابه كأنه تعالي يقول : عبدي إنه يراك وأنت لا تراه بدليل قوله تعالى :" إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " ﴿الأعراف : ٢٧﴾ وإنما نفذ كيده فيكم لأنه يراكم وأنتم لا ترونه فتمسكوا بمن يري الشيطان والشيطان لا يراه وهو الله سبحانه وتعالي فقولوا " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "


الصفحة التالية
Icon