ومنها : الشيطان مأخوذ من شطن إذا بعد فحكم عليه بكونه بعيداً وأما المطيع فقريب قال الله تعالي " واسجد واقترب " ﴿العلق : ١٩﴾ والله قريب منك :" وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " ﴿البقرة : ١٨٦﴾ وأما الرجيم فهو المرجوم بمعني كونه مرمياً بسهم اللعن والشقاوة وأما أنت فموصول بحبل السعادة قال الله تعالي " وألزمهم كلمة التقوى " ﴿الفتح : ٢٦﴾ فدل هذا على أنه جعل الشيطان بعيداً مرجوماً وجعلك قريباً موصولاً ثم إنه تعالى أخبر أنه لا يجعل الشيطان الذي هو بعيد قريبا لأنه تعالي قال :" ولن تجد لسنة الله تحويلا" ﴿فاطر : ٤٣﴾ فاعرف أنه لما جعلك قريباً فإنه لا يطردك ولا يبعدك عن فضله ورحمته.
ومنها : كأنه تعالي يقول : إنه شيطان رجيم وأنا رحمن رحيم فابعد عن الشيطان الرجيم لتصل إلى الرحمن الرحيم
ومنها : الشيطان عدوك وأنت عنه غافل غائب قال تعالي :" إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " ﴿الأعراف : ٢٧﴾ فعلى هذا لك عد وغائب ولك حبيب غالب لقوله :" والله غالب على أمره " ﴿يوسف : ٢١﴾ فإذا قصدك العد والغائب فافزع إلى الحبيب الغالب والله سبحانه وتعالي - اعلم بمراده (١) ا هـ
"بسم الله الرحمن الرحيم"
من لطائف البسملة
الباء في " بسم الله " حرف التضمين أي بالله ظهرت الحادثات وبه وجدت المخلوقات (٢). ا هـ
فإن قيل لك لم قال " بسم الله " ولم يقل بالله ؟ الجواب على وجه التبرك بذكر اسمه عند قوم وللفرق بين هذا وبين القسم عند الآخرين ولأن الاسم هو المسمى عند العلماء ولاستصفاء القلوب من العلائق ولاستخلاص الأسرار عن العوائق عند أهل العرفان ليكون ورود قوله على قلب منقى وسر مصفى(٣). ا هـ
(٢) - لطائف الإشارات للقشيري [حـ١ : صـ٤٤ ]
(٣) - نفس المرجع السابق.