(الحمد لله) له تعلق بالماضي وتعلق بالمستقبل، أما تعلقه بالماضي فهو أن يقع شكرا على النعم المتقدمة، وأما تعلقه بالمستقبل فهو أنه يوجب تجدد النعم في الزمان المستقبل لقوله تعالى :"لئن شكرتم لأزيدنكم "﴿إبراهيم : ٧﴾(١) اهـ
لطيفة : أول كلمة ذكرها أبونا آدم عليه السلام هي قوله "الحمد لله "وآخر كلمة يذكرها أهل الجنة قولنا الحمد لله أما الأول فلأنه لما بلغ الروح إلى سرته عطس فقال الحمد لله رب العالمين، وأما الثاني فهو قوله سبحانه وتعالى "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين "﴿يونس : ١٠﴾ففاتحة العالم مبنية على الحمد وخاتمته مبنية على الحمد فاجتهد حتى يكون أول أعمالك وأخرها مقرونا بهذه الكلمة فإن الإنسان عالم صغير فيجب أن تكون أحواله موافقة لأحوال العالم الكبير (٢). أهـ
لقائل أن يقول : التسبيح مقدم على التحميد، لأنه يقال : سبحان الله والحمد لله فما السبب ها هنا في وقوع البداية بالتحميد ؟
الجواب : إن التحميد يدل على التسبيح دلالة التضمن، فإن التسبيح يدل على كونه مبرأ في ذاته وصفاته عن النقائض والآفات والتحميد يدل مع حصول تلك الصفة على كونه محسناً إلى الخلق منعما عليهم رحيما بهم فالتسبيح إشارة إلى كونه تاماً، والتحميد يدل على كونه تعالي فوق التمام، لهذا السبب كان الابتداء بالتحميد أولى. أهـ
فإن قيل : لم خص الحمد بالله ولم يقل الحمد للخالق ؟ أو نحوه من بقية الصفات ؟
الجواب : لئلا يتوهم الاختصاص واستحقاق الحمد بوصف دون وصف(٣). أهـ

(١) - التفسير الكبيرحـ١- - صـ١٩٥
(٢) - التفسير الكبير حـ١- - صـ١٩٥
(٣) - السراج المنير للخطيب الشربيني - حـ١ - صـ٩ دار المعرفة - بيروت


الصفحة التالية
Icon