قال الإمام الفخر - رحمه الله - : إذا قال العبد " الحمد لله " كان معناه أن كل حمد أتى به أحد من الحامدين فهو لله، وكل حمد لم يأت به أحد من الحامدين وأمكن في حكم العقل دخوله في الوجود فهو لله، وذلك يدخل فيه جميع المحامد التي ذكرها ملائكة العرش والكرسي. وساكن وأطباق السماوات وجميع المحامد التي ذكرها جميع الأنبياء من آدم إلى محمد - صلوات الله عليهم - وجميع المحامد التي ذكرها الأولياء والعلماء وجميع الخلق وجميع المحامد التي سيذكرونها إلى وقت قولهم :" دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله " ثم جميع هذه المحامد متناهية، وأما المحامد التي لا نهاية لها هي التي سيأتون بها أبد الآباد ودهر الداهرين (١) أ هـ
وقال الخازن :" الحمد لله لفظة خبر بأنه سبحانه وتعالي يخبر بأنه المستحق للحمد سبحانه وتعالى، ومعناه الأمر أي قولوا :" الحمد لله "، وفيه تعليم للخلق كيف يحمدونه (٢). أهـ.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في طريق الهجرتين (٣) :
" الملك والحمد في حقه تعالي متلازمان فكل ما شمله ملكه وقدرته شمله حمده فهو محمود في ملكه وله الملك والقدرة مع حمده، فكما يستحيل خروج شيء من الموجودات عن ملكه وقدرته يستحيل خروجها عن حمده وحكمته ثم قال : فالحمد أوسع الصفات وأعم المدائح، والطرق إلى العلم به في غاية الكثرة والسبيل إلى اعتباره في ذرات العالم وجزيئاته وتفاصيل الأمر والنهى واسعة جداً لأن جميع أسمائه تبارك وتعالي حمد، وصفاته حمد، وأفعاله حمد، وأحكامه حمد، وعدله حمد، وانتقامه من أعدائه حمد، وفضله في إحسانه إلى أوليائه حمد، والخلق والأمر إنما قام بحمده، ووجد بحمده وظهر بحمده وكان الغاية هي حمده " أهـ.
(٢) - الخازن - حـ١ - صـ١٥
(٣) - طريق الهجرتين وباب السعادتين للإمام ابن القيم صـ١٢٥ - ١٢٦ بتصرف يسير