وغيرهم لوظيفة الإمامة والخطابة وأفسح لهم المجال وقدم لهم الوقت الكافى ليعيشوا بين مظان الكتب الشرعية والمطولات الشريفة وملاحقة العلماء الربانيين أصحاب القدرة والتمكن ليأخذوا عنهم بما فتح الله عليهم وبما أفهمهم وألهمهم فى شرح كتابه وسنة رسوله ـ ﷺ ـ فنجد أحدهم وقد جعل القرطاس تحت إبطه وامتلأت جيوبه بالأقلام، فيأخذ من هذا الربانى تارة ومن ذلك المرشد تارة أخرى حتى إذا استقام عوده وصلب كيانه وتم علمه فتح الله تعالى له أبواب الاستنباط والتنقيب والغوص بعد أن ملكه أدوات العلم والتحقيق ومكنه من تحقيق المعانى وصياغة قوالب الألفاظ لتشق طريقها إلى مسامع المسلمين ثم تتداخل لتصل بعد ذلك إلى سويداء قلوبهم لتستقر هنالك مع التمكن والجلال وهى فى زى البهجة ولباس النور ممزوجة مع كمال التوفيق.
وبهؤلاء فحسب دون غيرهم سوف تعيش حياتها ومجدها وهما محاطان بالحب لبعضهم والأخوة والتوقير ؛ لذا خلق هؤلاء الأفذاذ، ولهذا وجدوا ولهذا أخرجوا من ظلمات العدم إلى نور الوجود، وإلا فسيأخذ مجالهم ومكانهم الجليلين الجميلين من لا علم عنده ولا تربية لديه، ومن لم يخلقوا لذلك ولم يحدثوا له من الذين لا توفيق لكلامهم ولا قبول لهم اللهم إلا عند مرضى القلوب ومن يريد الكيد للإسلام، ثم يحارب الإسلام أهله ويذبح المسلمين أبناؤهم ويخرب البلاد شبابهم عملا بما يتلفظ به هؤلاء الأغراب عن العلم والدين والفقه والعقيدة، والذى فسح لهم المجال أنتم يا من خصصكم الله تعالى للعلم والدين والإرشاد حين تركتم ما خلقتم له وما وجدتم لأجله ؛ لذا أرجو من كل إمام وخطيب أن يجعل من هذا الكتاب أسوة حسنة.