فالله تعالى مالك العالمين ومربيهم ولا يقال للمخلوق الرب معرفاً، إنما يقال رب كذا مضافاً لأن الألف واللام للتعميم، وهو لا يملك الكل، والعالمين جمع عالم والعالم جمع لا واحد له من لفظه، واختلفوا في العالمين، قال ابن عباس : هم الجن والإنس لأنهم مكلفون بالخطاب، قال الله تعالى << ليكون للعالمين نذيرا >> [الفرقان : ١] وقال قتادة ومجاهد والحسن : جميع المخلوقين. قال الله تعالى :<< قال فرعون وما رب العالمين ؟ قال رب السموات والأرض وما بينهما >> [الشعراء : ٢٤، ٢٣] واشتقاقه من العلم والعلامة سمواً به لظهور أثر الصنعة فيهم. قال أبو عبيدة : أربع أمم الملائكة، والإنس، والجن، والشياطين، مشتق من العلم ولا يقال للبهائم عالم، لأنها لا تعقل، واختلفوا في مبلغهم. قال سعيد بن المسيب : لله ألف عالم ستمائة في البحر وأربعمائة في البر، وقال مقاتل بن حيان : لله ثمانون ألف عالم، ألفاً في البحر، وأربعون ألفاً في البر، وقال وهب : لله ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا عالم منها، وما العمران في الخراب إلا كفسطاط في صحراء، وقال كعب الأحبار (١) لا يحصى عدد العالمين أحد إلا الله، قال << وما يعلم جنود ربك إلا هو >> [المدثر : ٣١] (٢). أ هـ
من اللطائف والأسرار
ما ذكره الفخر الرازي - رحمه الله - في الربوبية حيث قال :

(١) هذا أرجح الأقوال - والله أعلم - لأن الأقوال السابقة تفتقر إلى سند صحيح، وأيضاً فإنها قد تتعارض مع ظاهر قوله تعالى "وما يعلم جنود ربك إلا هو"، وأيضاً فكل قرن أو جيل من الناس يعتبر عالماً. قال تعالى لبني إسرائيل " وأنى فضلتكم على العالمين" والمراد عالمي زمانهم فمن يحصي هذه العوالم إلا الله الذي أحاط بكل شيء علما.
(٢) معالم التنزيل حـ١ ص٢٧


الصفحة التالية
Icon