فهذا لم يقله أحد من الأنبياء وأتباعهم ولا من سائر العقلاء غير هؤلاء المبتدعة من النصارى ولا يفهم أحد من العقلاء من اسم الولادة والبنوة هذا المعنى
والأنبياء لم يطلقوا لفظ الابن إلا على مخلوق وهم يقولون هو أب للمسيح بالطبع ولغيره بالوضع فلا يعقل جمهور العقلاء
وغيرهم من هذا المعنى إلا البنوة المعقولة بانفصال جزء من الوالد وهذا ينكره من ينكره من علمائهم
لكنهم لم يتبعوا الأنبياء ولم يقولوا ما تعقله العقلاء فضلوا فيما نقوله عن الأنبياء وأضلوا أتباعهم فيما قالوه وعوامهم وإن كانوا لا يقولون إن ولادة الله مثل ولادة الحيوان بانفصال شيء يوجد فيقولون ولادة لاهوتية بانفصال جزء من اللاهوت حل في الناسوت لا يعقل من الولادة غير هذا
وأيضا فقولهم ونؤمن بروح القدس الرب المحي المنبثق من الأب الذي هو مع الأب مسجود له وممجد ناطق في الأنبياء فقولهم المنبثق من الأب الذي هو مع الأب مسجود له وممجد يمتنع أن يقال هذا في حياة الرب القائمة به فإنها ليست منبثقة منه كسائر الصفات إذ لو كان القائم بنفسه منبثقا لكان علمه وقدرته وسائر صفاته منبثقة منه بل الانبثاق في الكلام أظهر منه في الحياة فإن الكلام يخرج من المتكلم وأما الحياة فلا تخرج من الحي فلو كان في
الصفات ما هو منبثق لكان الصفة التي يسمونها الابن ويقولون هي العلم والكلام أو النطق والحكمة أولى بأن تكون منبثقة من الحياة التي هي أبعد عن ذلك من الكلام
وقد قالوا أيضا إنه مع الأب مسجود له وممجد والصفة القائمة بالرب ليست معه مسجود لها وقالوا هو ناطق في الأنبياء وصفة الرب القائمة به لا تنطق في الأنبياء بل هذا كله صفة روح القدس الذي يجعله الله في قلوب الأنبياء أو صفة ملك من الملائكة كجبريل فإذا كان هذا منبثقا من الأب والانبثاق الخروج فأي تبعيض وتجزئة أبلغ من هذا
وإذا شبهوه بانبثاق الشعاع من الشمس كان هذا باطلا من وجوه