منها أن الشعاع عرض قائم بالهواء والأرض وليس جوهرا قائما بنفسه وهذا عندهم حي مسجود له وهو جوهر
ومنها أن ذلك الشعاع القائم بالهواء والأرض ليس صفة للشمس ولا قائما بها وحياة الرب صفة قائمة به
ومنها أن الانبثاق خصوا به روح القدس ولم يقولوا في الكلمة إنها منبثقة
والانبثاق لو كان حقا لكان بالكلمة أشبه منه بالحياة وكلما تدبر العاقل كلامهم في الأمانة وغيرها وجد فيه من التناقض والفساد
ما لا يخفى إلا على أجهل العباد ووجد فيه من مناقضته التوراة والإنجيل وسائر كتب الله ما لا يخفى من تدبر هذا وهذا
ووجد فيه من مناقضة صريح المعقول ما لا يخفى إلا على معاند أو جهول فقولهم متناقض في نفسه مخالف لصريح المعقول وصحيح المنقول عن جميع الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين

فصل


قالوا وأما تجسم كلمة الله الخالقة بإنسان مخلوق وولادتهما معا أي الكلمة مع الناسوت فإنه لم يخاطب الباري أحدا من الأنبياء إلا وحيا أو من وراء حجاب حسب ما جاء في هذا الكتاب بقوله
﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء﴾
وإذا كانت اللطائف لا تظهر إلا في الكثائف روح القدس وغيرها فكلمة الله التي بها خلقت اللطائف والكثائف تظهر في غير كثيف كلا
ولذلك ظهر في عيسى بن مريم إذ الإنسان أجل ما خلقه الله ولهذا خاطب الخلق وشاهدوا منه ما شاهدوا
والجواب من طرق
أحدها : أنه يقال هذا الذي ذكروه وادعوا أنه تجسم كلمة الله الخالقة بإنسان مخلوق وولادتهما معا أي الكلمة مع الناسوت وهو الذي يعبر عنه باتحاد اللاهوت بالناسوت هو أمر ممتنع في صريح العقل وما علم أنه ممتنع في صريح العقل لم يجز أن يخبر به رسول فإن الرسل إنما تخبر بما لا يعلم بالعقل أنه ممتنع فأما ما يعلم بصريح العقل أنه ممتنع فالرسل منزهون عن الإخبار عنه


الصفحة التالية
Icon