الطريق الثاني : أن الأخبار الإلهية صريحة بأن المسيح عبد الله ليس بخالق العالم والنصارى يقولون هو إله تام وإنسان تام
الطريق الثالث : الكلام فيما ذكروه
فأما الطريق الأول فمن وجوه
أحدها : أن يقال المتحد بالمسيح إما أن يكون هو الذات المتصفة بالكلام أو الكلام فقط وإن شئت قلت المتحد به إما الكلام مع الذات وإما الكلام بدون الذات فإن كان المتحد به الكلام مع الذات كان المسيح هو الأب وهو الابن وهو روح القدس وكان المسيح هو الأقانيم الثلاثة
وهذا باطل باتفاق النصارى وسائر أهل الملل وباتفاق الكتب الإلهية وباطل بصريح العقل كما سنذكره إن شاء الله
وإن كان المتحد به هو الكلمة فقط فالكلمة صفة والصفة لا تقوم
بغير موصوفها والصفة ليست إلها خالقا والمسيح عندهم إله خالق فبطل قولهم على التقديرين وإن قالوا المتحد به الموصوف بالصفة فالموصوف هو الأب والمسيح عندهم ليس هو الأب وإن قالوا الصفة فقط فالصفة لا تفارق الموصوف ولا تقوم بغير الموصوف والصفة لا تخلق ولا ترزق وليست الإله والصفة لا تقعد عن يمين الموصوف والمسيح عندهم صعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه
وأما كونه هو الأب فقط وهو الذات المجردة عن الصفات فهذا أشد استحالة وليس فيهم من يقول بهذا
الوجه الثاني : أن الذات المتحدة بناسوت المسيح مع ناسوت المسيح إن كانتا بعد الاتحاد ذاتين وهما جوهران كما كانا قبل الاتحاد فليس ذلك باتحاد
وإن قيل صارا جوهرا واحدا كما يقول من يقول منهم إنهما صارا كالنار مع الحديدة أو اللبن مع الماء فهذا يستلزم استحالة كل منهما وانقلاب صفة كل منهما بل حقيقته كما استحال الماء واللبن إذا اختلطا والنار مع الحديدة وحينئذ فيلزم أن يكون اللاهوت استحال وتبدلت صفته وحقيقته والاستحالة لا تكون إلا بعدم شيء ووجود آخر فيلزم عدم شيء من القديم الواجب الوجود بنفسه