أو يا إنجيله أو يا قرآنه اغفر لي وارحمني وإنما يدعو الله سبحانه وهو سبحانه متصف بصفات الكمال فكيف والمسيح ليس هو نفس الكلام
فإن المسيح جوهر قائم بنفسه والكلام صفة قائمة بالمتكلم وليس هو نفس الرب المتكلم فإن الرب المتكلم هو الذي يسمونه الأب والمسيح ليس هو الأب عندهم بل الابن فضلوا في قولهم من جهات
منها جعل الأقانيم ثلاثة وصفات الله لا تختص بثلاثة
ومنها جعل الصفة خالقة والصفة لا تخلق
ومنها جعلهم المسيح نفس الكلمة والمسيح خلق بالكلمة فقيل له كن فكان كما سيأتي إن شاء الله تعالى تفسير ذلك وإنما خص المسيح بتسميته كلمة الله دون سائر البشر لأن سائر البشر خلقوا على الوجه المعتاد في المخلوقات يخلق الواحد من ذرية آدم من نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم ينفخ فيه الروح وخلقوا من ماء الأبوين الأب والأم
والمسيح عليه السلام لم يخلق من ماء رجل بل لما نفخ روح القدس في أمه حبلت به وقال الله كن فكان ولهذا شبهه الله بآدم في قوله
﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾
فإن آدم عليه السلام خلق من تراب وماء فصار طينا ثم أيبس الطين ثم قال له كن فكان وهو حين نفخ الروح فيه صار بشرا تاما لم يحتج بعد ذلك إلى ما احتاج إليه أولاده بعد نفخ الروح فإن الجنين بعد نفخ الروح يكمل خلق جسده في بطن أمه فيبقى في بطنها نحو خمسة أشهر ثم يخرج طفلا يرتضع ثم يكبر شيئا بعد شيء وآدم عليه السلام حين خلق جسده قيل له كن فكان بشرا تاما بنفخ الروح فيه ولكن لم يسم كلمة الله لأن جسده خلق من التراب والماء وبقي مدة طويلة يقال أربعين سنة فلم يكن خلق جسده إبداعيا في وقت واحد بل خلق شيئا فشيئا وخلق الحيوان من الطين معتاد في الجملة