لكن لما كان حلول اللاهوت في البشر واتخاذه به مذهبا ضل به طوائف كثيرون من بني آدم النصارى وغيرهم وكان المسيح الدجال يأتي بخوارق عظيمة والنصارى احتجوا على إلهية المسيح بمثل ذلك ذكر النبي من علامات كذبه أمورا ظاهرة لا يحتاج فيها إلى بيان موارد النزاع التي ضل فيها خلق كثير من الآدميين فإن كثيرا من الناس بل أكثرهم تدهشهم الخوارق حتى يصدقوا صاحبها قبل النظر في إمكان دعواه وإذا صدقوه صدقوا النصارى في دعوى إلهية المسيح وصدقوا أيضا من ادعى الحلول
والاتحاد في بعض المشايخ أو بعض أهل البيت أو غيرهم من أهل الإفك والفجور
وبهذا يظهر الجواب عما يورده بعض أهل الكلام كالرازي على هذا الحديث حيث قالوا دلائل كون الدجال ليس هو الله ظاهرة فكيف يحتج النبي على ذلك بقوله إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وهذا السؤال يدل على جهل قائله بما يقع فيه بنو آدم من الضلال وبالأدلة البينة التي تبين فساد الأقوال الباطلة وإلا فإذا كان بنو إسرائيل في عهد موسى ظنوا أن العجل هو إله موسى فقالوا هذا إلهكم وإله موسى وظنوا أن موسى نسيه
والنصارى مع كثرتهم يقولون إن المسيح هو الله وفي المنتسبين إلى القبلة خلق كثير يقولون ذلك في كثير من المشايخ وأهل البيت حتى إن كثيرا من أكابر شيوخ المعرفة والتصوف يجعلون هذا نهاية التحقيق والتوحيد وهو أن يكون الموحد هو الموحد وينشدون... ما وحد الواحد من واحد... إذ كل من وحده جاحد...
... توحيد من يخبر عن نعته... عارية أبطلها الواحد...
... توحيده إياه توحيده... ونعت من ينعته لاحد...
فكيف يستبعد مع إظهار الدجال هذه الخوارق العظيمة أن يعتقد فيه أنه الله وهو يقول أنا الله وقد اعتقد ذلك فيمن لم يظهر فيه مثل خوارقه من الكذابين وفيمن لم يقل أنا الله كالمسيح وسائر الأنبياء والصالحين


الصفحة التالية
Icon