وقوله :﴿ والله خَيْرُ الماكرين ﴾ : معناه : فاعلُ حقٍّ في ذلك، وذكر أبو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ في "تحبيره"، قال : سُئِلَ مَيْمُونٌ، أحسبه : ابن مِهْرَانَ ؛ عن قولِهِ تعالى :﴿ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله ﴾ فقال : تخليتُهُ إياهم، مع مَكْرهم هو مَكْرُهُ بهم. انتهى. ونحوه عن الجُنَيْدِ، قال الفَرَّاء : المَكْرُ من المخْلُوقِ الْخِبُّ والحِيلَة، ومِنَ الإله الاِسْتِدْرَاجُ، قال اللَّه تعالى :﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ القلم : ٤٤ ] قال ابن عبَّاس : كُلَّما أحْدَثُوا خطيئةً، أحدثنا لَهُمْ نعمة. انتهى. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ٢٧١ ـ ٢٧٢﴾
فائدة
قال فى روح البيان :
أيها العبد خف من وجود إحسان مولاك إليك ودوام إساءتك معه فى دوام لطفه بك وعطفه عليك أن يكون استدراجا لك حتى تقف معها وتغتر لها وتفرح لما أوتيت فتؤخذ بغتة قال الله تعالى ﴿ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ﴾
قال سهل رضى الله عنه فى معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فإذا ركنوا إلى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا
وقال أبو العباس ابن عطاء يعنى كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه أن يسيىء الأدب بإظهار دعوى أو تورط فى بلوى فتؤخر العقوبة عنه إمهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء أدب لقطع الإمداد وأوجب الإبعاد اعتبارا بالظاهر من الأمر من غير تعريج على ما وراء ذلك وما ذاك إلا لفقد نور بصيرته أو ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن أنه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد إلا منع المزيد لكان قطعا لأن من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان
ولو لم يكن من الإبعاد إلا أن يخليك وما تريد فيصرفك عنه بمرادك هذا والعياذ بالله مكر وخسران