فصل


قال ابن عادل :
قوله :﴿وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾ هذه الجملة في موضع خفض ؛ صفة ل " بَيْتٍ ".
وقرأ العامة " وُضِعَ " مبنيًّا للمفعول. وعكرمة وابن السميفع " وضَعَ " مبنيًّا للفاعل.
وفي فاعله قولان :
أحدهما :- وهو الأظهر - أنه ضمير إبراهيم ؛ لتقدُّم ذِكْرِه ؛ ولأنه مشهور بعمارته.
والثاني : أنه ضمير الباري تعالى، و" لِلنَّاسٍ " متعلق بالفعل قبله، واللام فيه للعلة.
و " للذي " بِبَكَّة " خبر " إنَّ " وأخبر - هنا - بالمعرفة - وهو الموصول - عن النكرة - وهو " أول بَيْتٍ " - لتخصيص النكرة بشيئين : الإضافة، والوصف بالجملة بعده، وهو جائز في باب " إن "، ومن عبارة سيبويه : إن قريباً منك زيدٌ، لما تخصص " قريباً " بوصفه بالجار بعده ساغ ما ذكرناه، وزاده حُسْناً - هنا - كونه اسماً ل " إنَّ "، وقد جاءت النكرة اسماً ل " إنَّ " - وإن لم يكن تخصيص - كقوله :[ الطويل ]
وَإنَّ حَرَاماً أن أسُبَّ مُجَاشِعاً... بِآبَائِيَ الشُّمِّ الْكِرَامِ الخَضَارِمِ
وببكة صلة، والباء فيه ظرفية، أي : في مكة.
وبكة فيها أربعة أوجه :
أحدها : أنها مرادفة ل " مكة " فأبدلت ميمها باءً، قالوا : والعرب تُعَاقِب بين الباء والميم في مواضع، قالوا : هذا على ضربة لازم، ولازب، وهذا أمر راتب، وراتم، والنبيط والنميط وسبد رأسه وسمَدَها، وأغبطت الحمى، وأغمطت.
وقيل : إنها اسم لبطن مكة، ومكة اسم لكل البلد.
وقيل : إنها اسم لمكان البيت.
وقيل : إنها اسم للمسجد نفسه، وأيدوا هذا بأن التباكّ وهو : الازدحام إنما يحصل عند الطواف، يقال : تباكَّ الناسُ - أي : ازْدَحموا، ويُفْسِد هذا القولَ أن يكون الشيء ظرفاً لنفسه، كذا قال بعضهم، وهو فاسد، لأن البيت في المسجد حقيقةً.


الصفحة التالية
Icon