وقال الأكثرون : بكة : اسم للمسجد والمطاف، ومكة : اسم البلد، لقوله تعالى :﴿لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾ فدل على أن البيت مظروف في بكة، فلو كان بكة اسماً للبيت لبطل كون بكةَ ظرفاً له.
وسميت بكة ؛ لازدحام الناس، قاله مجاهد وقتادة، وهو قول محمد بن علي الباقر.
وقال بعضهم : رأيت محمد بن علي الباقر يصلي، فمرت امرأة بين يديه، فذهبت أدْفَعها، فقال : دعها، فإنها سُمِّيَتْ بكةَ، لأنه يبكُّ بعضُهم بعضاً، تمر المرأة بين يدي الرجل وهو يصلي، والرجل بين يدي المرأة وهي تصلي، ولا بأس بذلك هنا.
وقيل : لأنها تبكُّ أعناق الجبابرة - أي : تدقها.
قال قطرب : تقول العرب : بَكَكْتهُ، أبُكُّهُ، بَكًّا، إذا وضعت منه.
وسميت مكة - من قولهم : مَكَكْتُ المخ من العظم، إذا تستقصيته ولم تترك فيه شيئاً.
ومنه : مَكَّ الفصيل ما في ضَرْعِ أمِّه - إذا لم يترك فيه لبناً، ورُويَ أنه قال :" لا تُمَكِّكُوا عَلَى غُرَمَائِكُمْ ".
وقيل : لأنها تَمُكُّ الذنوبَ، أي : تُزيلها كلَّها.
قال ابن الأنباري : وسُمِّيَتْ مكة لِقلَّةِ مائِها وزرعها، وقلة خِصْبها، فهي مأخوذة من مكَكْت العَظْم، إذا لم تترك فيه شيئاً.
وقيل : لأن مَنْ ظَلَم فيها مَكَّهُ اللهُ، أي : استقصاه بالهلاك.
وقيل : سُمِّيت بذلك ؛ لاجتلابها الناسَ من كل جانب من الأرض، كما يقال : امتكّ الفصيلُ - إذا استقصى ما في الضَّرْع.
وقال الخليل : لأنها وسط الأرض كالمخ وسط العظم.
وقيل : لأن العيونَ والمياه تنبع من تحت مكة، فالأرض كلها تمك من ماء مكة، والمكوك : كأس يشرب به، ويُكال به - كـ " الصُّوَاع ".


الصفحة التالية
Icon