قوله تعالى ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ﴿حَجَّ البيت﴾ بكسر الحاء والباقون بفتحها، قيل الفتح لغة الحجاز، والكسر لغة نجد وهما واحد في المعنى، وقيل هما جائزان مطلقاً في اللغة، مثل رطل ورطل، وبزر وبزر، وقيل المكسورة اسم للعمل والمفتوحة مصدر، وقال سيبويه : يجوز أن تكون المكسورة أيضاً مصدراً، كالذكر والعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٣﴾

فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَللَّهِ﴾ اللام في قوله "ولله" لام الإيجاب والإلزام، ثم أكده بقوله تعالى :﴿عَلَى﴾ التي هي من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب ؛ فإذا قال العربي : لفلان عليّ كذا ؛ فقد وكّده وأوجبه.
فذكر الله تعالى الحج ( بأبلغ ) ألفاظ الوجوب تأكيداً لحقِّه وتعظيماً لحُرْمته.
ولا خلاف في فريضته، وهو أحد قواعد الإسلام، وليس يجب إلاَّ مرّة في العمر.
وقال بعض الناس : يجب في كل خمسة أعوام ( مرة ) ؛ ورووا في ذلك حديثاً أسندوه إلى النبيّ ﷺ، والحديث باطل لا يصح، والإجماع صادّ في وجوههم.
قلت : وذكر عبد الرزاق قال : حدّثنا سفيان ( الثوري ) عن العلاء بن المسيّب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال :" يقول الرب جلّ وعزّ إن عبداً أوسعت عليه في الرزق فلم يعد إليّ في كل أربعة أعوام لمحروم " مشهور من حديث العلاء بن المسيب بن رافع الكاهليّ الكوفيّ من أولاد المحدّثين، روى عنه غير واحد، منهم من قال : في كل خمسة أعوام، ومنهم من قال : عن العلاء عن يونس بن خَبّاب عن أبي سعيد، في غير ذلك من الاختلاف.


الصفحة التالية
Icon