قال أبو عمر : كل من قال بالتراخي لا يَحُدُّ في ذلك حداً ؛ إلاَّ ما روي عن سحنون وقد سئل عن الرجل يجد ما يحج فيه فيؤخِّر ذلك إلى سنين كثيرةٍ مع قدرته على ذلك هل يُفَسَّق بتأخيره الحجّ وتُردّ شهادتُه ؟ قال : لا وإن مضى من عمره ستون سنة، فإذا زاد على الستين فُسّق وردّت شهادته.
وهذا توقيف وحَدّ، والحدود في الشرع لا تؤخذ إلاَّ عمن له أن يشَرِّع.
قلت : وحكاه ابن خويزِمنداد عن ابن القاسم.
قال ابن القاسم وغيره : إنْ أخره ستين سنة لم يُحَرَّج، وإن أخره بعد الستين حُرِّج ؛ لأن النبيّ ﷺ قال :" أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وقل من يتجاوزها " فكأنه في هذا العشر قد يتضايق عليه الخطاب.
قال أبو عمر : وقد احتج بعض الناس ( كسحنون ) بقوله ﷺ :" معترك أمّتي بين الستين إلى السبعين وقل من يجاوز ذلك " ولا حجة فيه ؛ لأنه كلام خرج على الأغلب من أعمار أمّته لو صحّ الحديث.
وفيه دليل على التوسعة إلى السبعين لأنه من الأغلب أيضاً، ولا ينبغي أن يقطع بتفسيق من صحت عدالته وأمانته بمثل هذا من التأويل الضعيف. وبالله التوفيق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٤٤ ـ ١٤٥﴾

فصل


قال الفخر :
احتج بعضهم بهذه الآية على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع قالوا لأن ظاهر قوله تعالى :﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت﴾ يعم المؤمن والكافر وعدم الإيمان لا يصلح معارضاً ومخصصاً لهذا العموم، لأن الدهري مكلف بالإيمان بمحمد ﷺ مع أن الإيمان بالله الذي هو شرط صحة الإيمان بمحمد عليه السلام غير حاصل والمحدث مكلف بالصلاة مع أن الوضوء الذي هو شرط صحة الصلاة غير حاصل، فلم يكن عدم الشرط مانعاً من كونه مكلفاً بالمشروط، فكذا ههنا والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٤﴾

فصل



الصفحة التالية
Icon