قال القرطبى :
أجمع العلماء على أن الخطاب بقوله تعالى :﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت﴾ عام في جميعهم مسترسل على جملتهم.
قال ابن العربيّ :"وإن كان الناس قد اختلفوا في مطلق العمومات بَيْدَ أنهم اتفقوا على حمل هذه الآية على جميع الناس ذكرِهم وأنثاهم، خلا الصغيرِ فإنه خارج بالإجماع عن أصول التكليف، وكذلك العبد لم يدخل فيه ؛ لأنه أخرجه عن مطلق العموم قوله تعالى ( في التمام ) :﴿مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ والعبد غيرُ مستطيع ؛ لأن السيِّد يمنعه لحقوقه عن هذه العبادة.
وقد قدّم الله سبحانه حقَّ السيّد على حقه رِفقاً بالعباد ومصلحةً لهم.
ولا خلاف فيه بين الأمّة ولا بين الأئمة، فلا نَهْرِف بما لا نعرِف، ولا دليل عليه إلاَّ الإجماعُ".
قال ابن المنذر : أجمع عامّة أهل العلم إلاَّ من شَذّ منهم ممن لا يعدّ خلافاً، على أن الصبيّ إذا حَجّ في حال صغره، والعبد إذا حج في حال رِقّه، ثم بلغ الصبي وعَتَق العبد إنّ عليهما حجة الإسلام إذا وجدا إليها سبيلاً.
وقال أبو عمر : خالف داود جماعة فقهاء الأمصار وأئمّة الأثر في المملوك وأنه عنده مخاطب بالحج، وهو عند جمهور العلماء خارج من الخطاب العام في قوله تعالى :﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ بدليل عدم التصرف، وأنه ليس له أن يحج بغير إذن سيده ؛ كما خرج من خطاب الجمعة وهو قوله تعالى :﴿ياأيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجمعة﴾ [ الجمعة : ٩ ] الآية عند عامّة العلماء إلاَّ من شذّ.
وكما خرج من خطاب إيجاب الشهادة، قال الله تعالى :﴿وَلاَ يَأْبَ الشهدآء إِذَا مَا دُعُواْ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ] فلم يدخل في ذلك العبدُ.