روي أنه لما نزلت هذه الآية قيل : يا رسول الله أكتب الحج علينا في كل عام، ذكروا ذلك ثلاثاً، فسكت الرسول ﷺ، ثم قال في الرابعة (١) :" لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها ولو لم تقوموا بها لكفرتم ألا فوادعوني ما وادعتكم وإذا أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فانتهوا عنه فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة احتلافهم على أنبيائهم " ثم احتج العلماء بهذا الخبر على أن الأمر لا يفيد التكرار من وجهين الأول : أن الأمر ورد بالحج ولم يفد التكرار والثاني : أن الصحابة استفهموا أنه هل يوجب التكرار أم لا ؟ ولو كانت هذه الصيغة تفيد التكرار لما احتاجوا إلى الاستفهام مع كونهم عالمين باللغة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٤﴾

فصل


قال الفخر :
استطاعة السبيل إلى الشيء عبارة عن إمكان الوصول، قال تعالى :﴿فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مّن سَبِيلٍ﴾ [ غافر : ١١ ] وقال :﴿هَلْ إلى مَرَدّ مّن سَبِيلٍ﴾ [ الشورى : ٤٤ ] وقال :﴿مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ﴾ [ التوبة : ٩١ ] فيعتبر في حصول هذا الإمكان صحة البدن، وزوال خوف التلف من السبع أو العدو، وفقدان الطعام والشراب والقدرة على المال الذي يشتري به الزاد والراحلة وأن يقضي جميع الديون ويرد جميع الودائع، وإن وجب عليه الإنفاق على أحد لم يجب عليه الحج إلا إذا ترك من المال ما يكفيهم في المجيء والذهاب وتفاصيل هذا الباب مذكور في كتب الفقهاء والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٤ ـ ١٣٥﴾
_
(١) نص الحديث عن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله ﷺ فقال :" أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ فَحُجُّوا". فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا. فقال رسول الله ﷺ :"لَوْ قُلْتُ : نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ". ثم قال :"ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وإذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ". ورواه مسلم، عن زُهَير بن حرب، عن يزيد بن هارون، به نحوه. ﴿المسند (٢/٥٠٨) وصحيح مسلم برقم (١٣٣٧)﴾.


الصفحة التالية
Icon