يروى بنصب " أفواه " على إضافة المصدر - وهو " قَرْع " - إلى فاعله، وبالرفع على إضافته إلى مفعوله. وقد جوَّزَ، بعضُهم في الكلام على ضَعْفٍ، والقرآن لا يُحْمَل على ما في الضرورة، ولا على ما فيه ضعف، أمَّا من حيث المعنى ؛ فلأنه يؤدي إلى تكليف الناس جميعهم - مستطيعهم وغير مستطيعهم - بأن يحج مستطيعهم، فيلزم من ذلك تكليف غير المُسْتَطِيعِ بأن يَحُجَّ، وهو غير جائز - وقد التزم بعضُهم هذا، وقال : نعم، نقول بموجبه، وأن الله - تعالى - كلَّف الناسَ ذلك، حتى لو لم يحج المستطيعون لزم غير المستطيعين أن يأمروهم بالحج حسب الإمكان ؛ لأن إحجاج الناس إلى الكعبة وعرفة فرضٌ واجب. و" مَنْ " - على هذه الأوجه الخمسة - موصولة بمعنى : الذي.
السادس : أنها شرطية، والجزاء محذوف، يدل عليه ما تقدم، أو هو نفس المتقدم - على رأي - ولا بد من ضمير يعود من جملة الشرط على " النَّاسِ "، تقديره : من استطاع منهم إليه سبيلاً فلله عليه.
ويترجح هذا بمقابلته بالشرط بعده، وهو قوله :﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين﴾.
وقوله :﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت﴾ جملة من مبتدأ - وهو ﴿حِجُّ البيت﴾ - وخبر - وهو قوله :" لله " - و" عَلَى النَّاسِ " متعلق بما تعلق به الخبر، أو متعلق بمحذوف ؛ على أنه حال من الضمير المستكن في الجار، والعامل فيه - أيضاً - ذلك الاستقرار المحذوف، ويجوز أن يكون على الناس هو الخبر، و" للهِ " متعلق بما تعلق به الخبر، ويمتنع فيه أن يكون حالاً من الضمير في " عَلَى النَّاسِ " وَإنْ كان العكس جائزاً - كما تقدم-.