وعن عبد خير بن يزيد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله قال في خطبته :" يأيها الناس إن الله فرض عليكم الحج على من استطاع إليه سبيلا ومن لم يفعل فليمت على أي حال شاء إن شاء يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً إلا أن يكون به عذر من مرض أو سلطان جائر ألا نصيب له في شفاعتي ولا ورُودَ حَوْضي " وقال ابن عباس قال رسول الله ﷺ :" من كان عنده مال يبلّغه الحج فلم يحج أو عنده مال تحلّ فيه الزكاة فلم يزّكه سأل عند الموت الرجعة " فقيل يابن عباس إنا كنا نرى هذا للكافرين.
فقال : أنا أقرأ عليكم به قرآنا ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فأولئك هُمُ الخاسرون﴾ ﴿وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين﴾ [ المنافقون : ٩ ١٠ ]، قال الحسن بن صالح في تفسيره : فأَزّكَى وأحجّ.
وعن النبي ﷺ أن رجلا سأله عن الآية فقال :" من حج لا يرجو ثوابا أو جلس لا يخاف عقابا فقد كفر به " وروى قتادة عن الحسن قال قال عمر رضي الله عنه : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى الأمصار فينظرون إلى من كان له مال ولم يحجّ فيضربون عليه الجزية ؛ فذلك قوله تعالى :﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين﴾.
قلت : هذا خرج مخرج التغليظ ؛ ولهذا قال علماؤنا : تضمّنت الآية أن من مات ولم يحج وهو قادر فالوعيد يتوجّه عليه، ولا يجزىء أن يحجّ عنه غيره لأن حج الغير لو أسقط عنه الفرض لسقط عنه الوعيد.
والله أعلم.
وقال سعيد بن جُبير : لو مات جارٌ لي وله مَيْسرة ولم يحج لم أصلّ عليه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٥٣ ـ ١٥٤﴾