هذا هو المعتمد من الأقاويل فيه، وأمره على وجهين : على وجه الحَتْم وعلى وجه الندب وكذلك القول في النهي على قسمين : تحريم وتنزيه، فيدخل في جملة هذا أن يكون حق تقاته أولاً اجتناب الزلة ثم اجتناب الغفلة ثم التوقي عن كل خلة ثم التنقي من كل عِلَّة، فإذا تَقِيتَ عن شهود تقواك بعد اتصافك بتقواك فقد اتَّقَيْت حقَّ تقواك.
وحق التقوى رفض العصيان ونفي النسيان، وصون العهود، وحفظ الحدود، وشهود الإلهية، والانسلاخ عن أحكام البشرية، والخمود تحت جريان الحكم بعد اجتناب كل جُرْم وظلم، واستشعار الأنفة عن التوسل إليه بشيء من طاعتك دون صرف كرمه، والتحقق بأنه لا يَقْبل أحداً بعِلَّة ولا يَرُدُّ أحداً بعلة.
قوله جلّ ذكره :﴿وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.
لا تُصَادِفَنَّكم الوفاة إلا وأنتم بشرط الوفاء. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٦٦﴾
قوله تعالى :﴿واعتصموا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً﴾
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾ ثَنَّى أمرهم بما فيه صلاح أنفسهم لأخراهم، بأمرهم بما فيه صلاح حالهم في دنياهم، وذلك بالاجتماع على هذا الدّين وعدم التَّفرّق ليكتسبوا باتّحادهم قوّة ونماء. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٧٤﴾

فصل


قال الفخر :
و اعلم أنه تعالى لما أمرهم بالاتقاء عن المحظورات أمرهم بالتمسك بالاعتصام بما هو كالأصل لجميع الخيرات والطاعات، وهو الاعتصام بحبل الله.


الصفحة التالية
Icon