فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ ( يعني في دينكم ) كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم ؛ عن ابن مسعود وغيره.
ويجوز أن يكون معناه ولا تفرقوا متابعين للهوى والأغراض المختلفة، وكونوا في دِين الله إخوانا ؛ فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر ؛ ودل عليه ما بعده وهو قوله تعالى ﴿واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾.
وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع : فإن ذلك ليس اختلافا إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع، وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب آستخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع ؛ وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متآلفون.
وقال رسول الله ﷺ :" اختلاف أمّتي رحمة " وإنما منع الله اختلافا هو سبب الفساد.
روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ :" تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فِرقة أو اثنتين وسبعين فِرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق أمَّتي على ثلاث وسبعين فِرقة "
قال الترمذي : هذا حديث صحيح.
وأخرجه أيضاً عن ابن عمرو قال قال رسول الله ﷺ :" "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حَذْوَ النعل بالنعل حتى لو كان منهم من يأتي أمّة علانية لكان من أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرّقت آثنتين وسبعين مِلةً وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين مِلةً كلهم في النار إلا مِلة واحدة" قالوا : من هي يا رسول الله ؟ "ما أنا عليه وأصحابي" " أخرجه من حديث عبد الله بن زياد الأفريقي، عن عبد الله بن يزيد عن ابن عمرو، وقال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه.


الصفحة التالية
Icon