وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ويكره لكم ثلاثاً قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " فأوجب تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعملاً، وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين، والسلامة من الاختلاف، وأمر بالاجتماع ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين.
هذا معنى الآية على التمام، وفيها دليل على صحة الإجماع حسبما هو مذكور في موضعه من أُصول الفقه، والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٥٩ ـ ١٦٤﴾
لطيفة
قال السمرقندى :
قال بعض الحكماء : إن مثل من في الدنيا، كمثل من وقع في بئر، فيها من كل نوع من الآفات، فلا يمكنه أن يخرج منها والنجاة من آفاتها إلا بحبل وثيق، فكذلك الدنيا دار محنة، وفيها كل نوع من الآفات، فلا سبيل إلى النجاة منها إلا بالتمسك بحبل وثيق، وهو كتاب الله تعالى. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٢٥٩﴾

فصل


قال الفخر :
استدلت نفاة القياس بهذه الآية، فقالوا : الأحكام الشرعية إما أن يقال : إنه سبحانه نصب عليها دلائل يقينية أو نصب عليها دلائل ظنية، فإن كان الأول امتنع الاكتفاء فيها بالقياس الذي يفيد الظن، لأن الدليل الظني لا يكتفى به في الموضع اليقيني، وإن كان الثاني كان الأمر بالرجوع إلى تلك الدلائل الظنية يتضمن وقوع الاختلاف ووقوع النزاع، فكان ينبغي أن لا يكون التفرق والتنازع منهياً عنه، لكنه منهي عنه لقوله تعالى :﴿وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ وقوله ﴿وَلاَ تنازعوا﴾


الصفحة التالية
Icon