ولقائل أن يقول : الدلائل الدالة على العمل بالقياس تكون مخصصة لعموم قوله ﴿وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ ولعموم قوله ﴿وَلاَ تنازعوا﴾ والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٤٣﴾
قوله تعالى :﴿واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن نعم الله على الخلق إما دنيوية وإما أُخروية وإنه تعالى ذكرهما في هذه الآية، أما النعمة الدنيوية فهي قوله تعالى :﴿إِذْ كُنتُم أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٤٣﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿واذكروا نعمت الله عليكم﴾ تصوير لحالهم الَّتي كانوا عليها ليحصل من استفظاعها انكشاف فائدة الحالة الَّتي أمروا بأن يكونوا عليها وهي الاعتصام جميعاً بجامعة الإسلام الَّذي كان سبب نجاتهم من تلك الحالة، وفي ضمن ذلك تذكير بنعمة الله تعالى، الّذي اختار لهم هذا الدّين، وفي ذلك تحريض على إجابة أمره تعالى إياهم بالاتِّفاق.
والتَّذكيرُ بنعمة الله تعالى طريق من طُرق مواعظ الرّسل.
قال تعالى حكاية عن هود :﴿واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح﴾ [ الأعراف : ٦٩ ] وقال عن شعيب :﴿واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثَّركم﴾ [ الأعراف : ٨٦ ] وقال الله لموسى :﴿وذكرهم بأيام الله﴾ [ إبراهيم : ٥ ].
وهذا التَّذكير خاصّ بمن أسلم من المسلمين بعد أن كان في الجاهلية، لأنّ الآية خطاب للصّحابة ولكن المنّة به مستمرة على سائر المسلمين، لأن كُلّ جيل يُقَدّر أن لو لم يَسبق إسلام الجيل الَّذي قبله لكانوا هم أعداء وكانوا على شفا حفرة من النَّار. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٧٥﴾


الصفحة التالية
Icon