فصل
قال الفخر :
قيل إن ذلك اليهودي لما ألقى الفتنة بين الأوس والخَزْرَج وهَمَّ كلُّ واحد منهما بمحاربة صاحبه، فخرج الرسول ﷺ ولم يزل يرفق بهم حتى سكنت الفتنة وكان الأوس والخزرج أخوين لأب وأم، فوقعت بينهما العداوة، وتطاولت الحروب مئة وعشرين سنة إلى أن أطفأ الله ذلك بالإسلام، فالآية إشارة إليهم وإلى أحوالهم، فإنهم قبل الإسلام كان يحارب بعضهم بعضاً ويبغض بعضهم بعضاً، فلما أكرمهم الله تعالى بالإسلام صاروا إخواناً متراحمين متناصحين وصاروا إخوة في الله : ونظير هذه الآية قوله ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى الأرض جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ولكن الله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ [ الأنفال : ٦٣ ].
واعلم أن كل من كان وجهه إلى الدنيا كان معادياً لأكثر الخلق، ومن كان وجهه إلى خدمة الله تعالى لم يكن معادياً لأحد، والسبب فيه أنه ينظر من الحق إلى الخلق فيرى الكل أسيراً في قبضة القضاء والقدر فلا يعادي أحداً، ولهذا قيل : إن العارف إذا أمر أمر برفق ويكون ناصحاً لا يعنف ويعير فهو مستبصر بسر الله في القدر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٤٣﴾
فصل
قال الفخر :
قال الزَّجّاج : أصل الأخ في اللُّغة من التوخي وهو الطلب، فالأخ مقصده مقصد أخيه، والصديق مأخوذ من أن يصدق كل واحد من الصديقين صاحبه ما في قلبه، ولا يخفي عنه شيئاً وقال أبو حاتم قال أهل البصرة : الاخوة في النسب والإخوان في الصداقة، قال وهذا غلط، قال الله تعالى :﴿إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ﴾ [ الحجرات : ١٠ ] ولم يعن النسب، وقال :﴿أَوْ بُيُوتِ إخوانكم﴾ [ النور : ٦١ ] وهذا في النسب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٤٣﴾
قوله تعالى ﴿فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾
قال الفخر :