قالوا : وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام أن يهودًا كانوا معهم ببلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وهم كانوا أهل أوثان وشرك، وكانوا إذا كان منهم شيء قالوا : إن نبيا الآن مبعوثٌ قد أظل زمانه نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرَم، فلمّا كلّم رسول الله ﷺ أولئك النفر ودعاهم إلى الله عز وجل قال بعضهم لبعض : يا قوم تعلمون والله إنه النبي الذي تَوعَّدَكُم به يهود، فلا يسبقُنكَّم إليه، فأجابوه وصدقوه وأسلموا، وقالوا : إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشرّ ما بينهم وعسى الله أن يجمعهم بك، وسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعزّ منك.
ثم انصرفوا عن رسول الله ﷺ راجعين إلى بلادهم قد آمنوا به ﷺ، فلما قدموا المدينة ذَكَرُوا لهم رسول الله ﷺ ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم فلم يبق دارٌ من دُور الأنصار إلا وفيها ذكرٌ من رسول الله ﷺ حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا وهم : أسعد بن زرارة، وعوف، ومعاذ ابنا عفراء، ورافع بن مالك بن العجلان، وذكوان بن عبد القيس، وعبادة بن الصامت، ويزيد بن ثعلبة، وعباس بن عبادة، وعقبة بن عامر، وقطبة بن عامر، وهؤلاء خزرجيّون وأبو الهيثم بن التيهان، وعويمر بن ساعدة من الأوس، فلقوه بالعقبة وهي العقبة الأولى، فبايعوا رسول الله ﷺ على بيعة النساء، على أن لا يشركوا بالله شيئًا ولا يسرقوا ولا يزنوا، إلى آخر الآية فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم شيئًا من ذلك فأُخذتم بحدّه في الدنيا فهو كفارةٌ له، وإن ستر عليكم فأمركم إلى الله إن شاء عذبكم وإن شاء غفر لكم، قال : وذلك قبل أن يفرض عليهم الحرب.


الصفحة التالية
Icon