قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفيَّنا ؟ قال :"الجنة" قال : ابسطْ يَدكَ فبسطَ يده فبايعوه، وأول من ضرب على يده البراء بن مَعْرُور ثم تتابع القوم، فلما بايعنا رسول الله ﷺ صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت ما سمعتُه قط : يا أهل الجباجب هل لكم في مُذَمَّمٍ والصُّباة قد اجتمعوا على حربكم، فقال رسول الله ﷺ : هذا عدو الله، هذا أزبّ العقبة، اسمع أي عدو الله أما والله لأفرغنّ لك، ثم قال رسول الله ﷺ : ارفضوا إلى رحالكم.
فقال العباس بن عبادة بن نضلة : والذي بعثك بالحق لئن شئت [لنميلن] غدًا على أهل منًى بأسيافنا، فقال رسول الله ﷺ : لم نُؤْمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم.
قال فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا فلما أصبحنا غدت علينا جِلّةُ قريش حتى جاؤونا في منازلنا، فقالوا : يا معشر الخزرج بلغنا أنكم جئتم صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم [منكم] قال : فانبعث مَنْ هناك من مشركي قومنا يحلفون لهم بالله : ما كان من هذا شيء وما علمناه وصدقوا، ولم يعلموا، وبعضُنا ينظر إلى بعض، وقام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة [المخزومي] وعليه نعلان جديدان، قال فقلت له كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا يا جابر أما تستطيع أن تتخذ وأنت سيد من ساداتنا مثل نعلي هذا الفتى من قريش، قال فسمعها الحارث فخلعهما من رجليه ثم رمى بهما إلي وقال : والله لتنتعلنهما قال يقول أبو جابر رضي الله عنه : مه والله أحْفَظْتَ الفتى فاردد إليه نعليه، قال : لا أردهما فألٌ -والله -صالح والله لئن صدق الفأل [لأسلبنه].


الصفحة التالية
Icon