قال : ثم انصرف الأنصار إلى المدينة وقد شدّدوا العقد، فلما قدموها أظهروا الإسلام بها وبلغ ذلك قريشا فآذوا أصحاب رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ لأصحابه :"إن الله تعالى قد جعل لكم إخوانًا ودارًا تأمنون فيها" فأمرهم بالهجرة إلى المدينة واللحوق بإخوانهم من الأنصار.
فأول من هاجر إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ثم عامر بن ربيعة ثم عبد الله بن جحش ثم تتابع أصحاب رسول الله ﷺ أرْسالا إلى المدينة فجمع الله أهل المدينة أوسها وخزرَجَها بالإسلام، وأصلح ذات بينهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ﴿أخرج هذه القصة ابن إسحاق في المغازي ١ / ٢٦٥ - ٢٦٦ من سيرة ابن هشام مع الروض الأنف وعنه أخرجها الطبري في التفسير : ٧ / ٧٨ - ٧٩﴾. أ هـ ﴿تفسيرالبغوى حـ ٢ صـ ٧٩ ـ ٨١﴾
قوله تعالى :﴿وَكُنتُمْ على شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ النار فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا﴾
قال الفخر :
المعنى أنكم كنتم مشرفين بكفركم على جهنم، لأن جهنم مشبهة بالحفرة التي فيها النار فجعل استحقاقهم للنار بكفرهم كالإشراف منهم على النار، والمصير منهم إلى حفرتها، فبيّن تعالى أنه أنقذهم من هذه الحفرة، وقد قربوا من الوقوع فيها.
قالت المعتزلة : ومعنى ذلك أنه تعالى لطف بهم بالرسول عليه السلام وسائر ألطافه حتى آمنوا قال أصحابنا : جميع الألطاف مشترك فيه بين المؤمن والكافر، فلو كان فاعل الإيمان وموجده هو العبد لكان العبد هو الذي أنقذ نفسه من النار، والله تعالى حكم بأنه هو الذي أنقذهم من النار، فدل هذا على أن خالق أفعال العباد هو الله سبحانه وتعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٤٤﴾
لطيفة
قال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon