و " بإذْنِهِ " متعلق بمحذوف ؛ لأنه حالٌ من فاعل " تَحُسُّونَهُمْ "، أي : تقتلونهم مأذوناً لكم في ذلك.
قال القرطبيُّ :" ومعنى قوله :" بإذْنه " أي : بعلمه، أو بقضائه وأمره ".
وقوله :﴿ حتى إِذَا فَشِلْتُمْ ﴾ في " حَتَّى " قولان :
أحدهما : أنها حرف جر بمعنى " إلى " وفي متعلقها - حينئذ - ثلاثةُ أوجهٍ :
أحدها : أنها متعلقة بـ " تَحسُّونَهُمْ " أى : تقتلونهم إلى هذا الوقت.
الثاني : أنها متعلقة بـ " صَدَقَكُمْ " وهو ظاهر قول الزمخشريّ، قال :" ويجوز أن يكونَ المعنى : صدقكم اللهُ وَعْدَه إلى وقت فَشَلِكم ".
الثالث : أنّها متعلقة بمحذوف، دَلَّ عليه السياقُ.
قال أبو البقاء :" تقديره : دام لكم ذلك إلى وقتِ فَشَلِكُم ".
القول الثاني : أنَّها حرف ابتداءٍ داخلة على الجملة الشرطية، و" إذَا " على بابها - من كونها شرطية - وفي جوابها - حينئذٍ - ثلاثةُ أوجهٍ :
أحدها : قال الفرّاء : جوابها " وَتَنَازَعْتُمْ " وتكون الواو زائدة، كقوله :﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ ﴾ [ الصافات : ١٠٣-١٠٤ ] والمعنى ناديناه، كذا - هنا - الفشل والتنازع صار موجباً للعصيان، فكأنَّ التقدير : حتى إذا فَشِلْتُم، وتنازعتم في الأمر عصيتم.
قال : ومذهب العرب إدخال الواو في جواب " حَتَّى " كقوله :﴿ حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ ﴿ الزمر : ٧٣ ] فإن قيل : قوله :{ فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ ﴾ معصية، فلو جعلنا الفشل والتنازُع علةً للمعصية لزم كونُ الشيء علةً لنفسه، وذلك فاسدٌ.
فالجواب : أن المراد من العصيان - هنا - خروجهم عن ذلك المكانِ، فلم يلزم تعليلُ الشيء بنفسه. ولم يَقْبَل البصريون هذا الجوابَ ؛ لأن مذهَبهمْ أنه لا يجوزُ جَعْلَ الواو زائدة.


الصفحة التالية
Icon