قوله :﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ ﴾ و" ثم " زائدة.
قال أبو علي : ويجوز أن يكون الجواب ﴿ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ﴾ و" ثُمَّ " زائدة، والتقدير : حتى إذا فشلتم وتنازعتم وعصيتم صرفكم عنهم. وقد أنشد بعضُ النحويين في زيادتها قول الشاعر :[ الطويل ]
أرَانِي إذَا مَا بِتُّ بِتُّ عَلَى هَوًى... فَثُمَّ إذَا أصْبَحْتُ أصْبَحْتُ غَادِيَا
وجوز الأخفشُ أن تكون زائدةً في قوله تعالى :﴿ حتى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وظنوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ﴾ [ التوبة : ١١٨ ] وهذان القولان ضعيفانِ جداً.
والثالث - وهو الصحيحُ - أنه محذوف، واختلفت عبارتهم في تقديره، فقدَّرَه ابنُ عطيةَ : انهزمتم وقدَّره الزمخشريُّ : منعكم نصرَه.
وقدَّره أبو البقاء : بأن أمركم. ودلّ على ذلك قوله تعالى :﴿ مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخرة ﴾ [ آل عمران : ١٥٢ ].
وقدره غيره : امتحنتم.
وقيل فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، وتقديره : حتّى إذا تنازعتم في الأمر وعصيتم فشلتم.
وقدَّره أبو حيان : انقسمتم إلى قسمَيْن، ويدلُّ عليه ما بعده، وهو نظيرُ قوله :﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ ﴾ [ لقمان : ٣٢ ]
قال أبو حيان : لا يقال : كيف يقالُ : انقسمتم إلى مريدِ الدُّنْيَا، وإلى مريدِ الآخرةِ فيمن فشل وتنازع وعصى ؛ لأن هذه الأفعالَ لم تصدر من كُلِّهم، بل من بعضِهِمْ.
واختلفوا في " إذا " - هذه - هل هي على بابها أم بمعنى " إذْ " ؟ والصحيح الأول، سواء قلنا إنها شرطية أم لا.