قوله تعالى :﴿يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَىْء قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ ﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن قوله ﴿هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَىْء﴾ حكاية للشبهة التي تمسك أهل النفاق بها، وهو يحتمل وجوها :
الأول : أن عبد الله بن أبي لما شاوره النبي ﷺ في هذه الواقعة أشار عليه بأن لا يخرج من المدينة، ثم إن الصحابة ألحوا على النبي ﷺ في أن يخرج إليهم، فغضب عبد الله بن أبي من ذلك، فقال عصاني وأطاع الولدان، ثم لما كثر القتل في بني الخزرج ورجع عبد الله بن أبي قيل له : قتل بنو الخزرج، فقال : هل لنا من الأمر من شيء، يعني أن محمداً لم يقبل قولي حين أمرته بأن يسكن في المدينة ولا يخرج منها، ونظيره ما حكاه الله عنهم أنهم قالوا :﴿لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾ [ آل عمران : ١٦٨ ] والمعنى : هل لنا من أمر يطاع وهو استفهام على سبيل الانكار.
الوجه الثاني في التأويل : أن من عادة العرب أنه إذا كانت الدولة لعدوه قالوا : عليه الأمر، فقوله :﴿هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَىْء﴾ أي هل لنا من الشيء الذي كان يعدنا به محمد، وهو النصرة والقوة شيء وهذا استفهام على سبيل الانكار، وكان غرضهم منه الاستدلال بذلك على أن محمداً ﷺ كان كاذباً في ادعاء النصرة والعصمة من الله تعالى لأمته، وهذا استفهام على سبيل الإنكار.
الثالث : أن يكون التقدير : أنطمع أن تكون لنا الغلبة على هؤلاء، والغرض منه تصبير المسلمين في التشديد في الجهاد والحرب مع الكفار، ثم إن الله سبحانه أجاب عن هذه الشبهة بقوله :﴿قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٣٩﴾


الصفحة التالية
Icon