الوجه الثاني في الجواب عن تلك الشبهة قوله ﴿وَلِيَبْتَلِىَ اللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ﴾ وذلك لأن القوم زعموا أن الخروج إلى تلك المقاتلة كان مفسدة ولو كان الأمر إليهم لما خرجوا إليها فقال تعالى بل هذه المقاتلة مشتملة على نوعين من المصلحة أن يتميز الموافق من المنافق وفي المثل المشهور لا تكرهوا الفتن فانها حصاد المنافقين ومعنى الابتلاء في حق الله تعالى قد مر تفسيره مرارا كثيرة
فإن قيل لم ذكر الابتلاء وقد سبق ذكره في قوله ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ( آل عمران ١٥٢ )﴾ ؟
قلنا لما طال الكلام أعاد ذكره وقيل الابتلاء الأول هزيمة المؤمنين والثاني سائر الأحوال
والوجه الثالث في الجواب قوله ﴿وَلِيُمَحّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ﴾
وفيه وجهان
أحدهما أن هذه الواقعة تمحص قلوبكم عن الوساوس والشبهات
والثاني أنها تصير كفارة لذنوبكم فتمحصكم عن تبعات المعاصي والسيئات وذكر في الابتلاء الصدور وفي التمحيص القلوب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٤٠ ـ ٤١﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَلِيَبْتَلِىَ الله مَا فِى صُدُورِكُمْ ﴾ أي ليختبر الله تعالى ما في صدوركم بأعمالكم فإنه قد علمه غيباً ويريد أن يعلمه شهادة لتقع المجازاة عليه قاله الزجاج، أو ليعاملكم معاملة المبتلي الممتحن قاله غير واحد، وهو خطاب للمؤمنين واللام للتعليل ومدخولها علة لفعل مقدر قبل مطوف على علل أخرى مطوية للإيذان بكثرتها كأنه قيل فعل ما فعل لمصالح جمة وليبتلي الخ أو لفعل مقدر بعد أي وللابتلاء المذكور فعل ما فعل لا لعدم العناية بشأن أوليائه وأنصار نبيه ﷺ مثلاً.


الصفحة التالية
Icon