وقال ابن عاشور :
ومعنى ﴿ يسارعون في الكفر ﴾ يتوغّلون فيه ويَعجَلون إلى إظهاره وتأييده والعمل به عند سنوح الفرص، ويحرصون على إلقائه في نفوس الناس، فعبّر عن هذا المعنى بقوله :﴿ يسارعون ﴾، فقيل : ذلك من التضمين ضمّن يسارعون معنى يقعون، فعدّي بفي، وهي طريقة "الكشاف" وشروحه، وعندي أنّ هذا استعارة تمثيلية : شبّه حال حرصهم وجدّهم في تفكير الناس وإدخال الشكّ على المؤمنين وتربّصهم الدوائر وانتهازهم الفرص بحال الطالب المسارع الى تحصيل شيء يخشى أن يَفوته وهو متوغّل فيه متلبس به، فلذلك عدّي بفي الدالة على سرعتهم سرعة طالب التمكين، لا طالب الحصول، إذ هو حاصل عندهم ولو عدّي بإلى لفهم منه أنّهم لم يكفروا عند المسارعة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٨٨﴾
قوله تعالى ﴿إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً﴾
قال الفخر :
والمعنى أنهم لن يضروا النبي وأصحابه شيئاً، وقال عطاء : يريد : لن يضروا أولياء الله شيئاً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨٥﴾
وقال الآلوسى :
المراد لا يحزنك خوف أن يضروك ويعينوا عليك، ويدل على ذلك إيلاء قوله تعالى :
﴿ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً ﴾ رداً وإنكاراً لظن الخوف، والكلام على حذف مضاف، والمراد أولياء الله مثلاً للقرينة العقلية عليه، وفي حذف ذلك وتعليق نفي الضرر به تعالى تشريف للمؤمنين وإيذان بأن مضارتهم بمنزلة مضارته سبحانه وتعالى، وفي ذلك مزيد مبالغة في التسلية، و﴿ شَيْئاً ﴾ في موضع المصدر أي لن يضروه ضرراً ما، وقيل : مفعول بواسطة حرف الجر أي لن يضروه بشيء ما أصلاً، وتأويل يضروا بما يتعدى بنفسه إلى مفعولين مما لا داعي إليه، ولعل المقام يدعو إلى خلافه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٣٣﴾