وقال الآلوسى :
﴿ وَلَهُمْ ﴾ مع هذا الحرمان من الثواب بالكلية ﴿ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ لا يقدر قدره، نقل عن بعضهم أنه لما دلت المسارعة في الشيء على عظم شأنه وجلالة قدره عند المسارع وصف عذابه بالعظم رعاية للمناسبة وتنبيهاً على حقارة ما سارعوا فيه وخساسته في نفسه، وقيل : إنه لما دل قوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً ﴾ على عظم قدر من قصدوا إضراره وصف العذاب بالعظم إيذاناً بأن قصد إضرار العظيم أمر عظيم يترتب عليه العذاب العظيم، والجملة إما حال من الضمير في لهم أي يريد الله تعالى حرمانهم من الثواب معداً لهم عذاب عظيم، وإما مبتدأة مبينة لحظهم من العذاب إثر بيان أن لا شيء لهم من الثواب.
وزعم بعضهم أن هاتين الجملتين في موضع التعليل للنهي السابق، وأن المعنى ولا يحزنك أنهم يسارعون في إعلاء الكفر وهدم الإسلام لا خوفاً على الإسلام ولا ترحماً عليهم أما الأول : لن يضروا الله شيئاً فلا يقدرون على هدم دينه الذي يريد إعلاءه، وحينئذ لا حاجة إلى إرادة أولياء الله، وأما الثاني : فلأنه يريد الله أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة ولهم عذاب عظيم.
واستأنس له بأنه كثيراً ما وقع نهي النبي ﷺ عن إيقاعه نفسه الكريمة في المشقة لهدايتهم وعن كونه ضيق الصدر لكفرهم وخوطب بأنه ما عليك إلا البلاغ ولست عليهم بمسيطر ولا يخلو عن بعد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٣٣ ـ ١٣٤﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وَلَهُمْ ﴾ مع ذلك الحِرمانِ الكلي ﴿ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ لا يقادَرُ قدرُه، قيل : لمّا دلت المسارعةُ في الشيء على عِظَم شأنِه وجلالةِ قدرِه عند المسارِعِ وُصف عذابُه بالعِظَم رعايةً للمناسبة وتنبيهاً على حقارة ما سارعوا فيه وخساستِه في نفسه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١١٦﴾


الصفحة التالية
Icon