فوائد لغوية
قال ابن عادل :
قوله :﴿ وَلاَ يَحْزُنكَ الذين ﴾ قرأ نافع " يُحزنك " - بضم حرف المضارعة - من " أحزن " - رباعياً - في سائر القرآن إلا التي في قوله :﴿ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر ﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ] فإنه كالجماعة. والباقون بفتح الباء - من " حزنه " ثلاثياً - فقيل : هما من باب ما جاء فيه فَعَل وأفْعَل بمعنى.
وقيل : باختلاف معنى، فَحَزَنَه : جَعَل فيه حُزْناَ - نحو : دهنه وكحله، أي : جعل فيه دهناً وكحلاً - وأحزنته : إذا جعلته حزيناً. ومثل حَزَنَه وأحْزَنَه فَتَنَه وأفتَنَه، قال سيبويه :" وقال بعضُ العربِ : أحزنت له الحُزْن، وأحزنته : عرَّضته للحُزْن. قاله أبو البقاء وقد تقدم اشتقاق هذه اللفظة في " البقرة ".
قال شهابُ الدينِ :" والحق أن حزنه لغتان فاشيتان، لثبوتهما متواترتين - وإن كان أبو البقاء قال : إن أحزن لغة قليلة، ومن عجيب ما اتفق أن نافعاً - رحمه الله - يقرأ هذه المادة من " أحزن " إلا التي في الأنبياء - كما تقدم - وأن شيخه أبا جعفر يزيد بن القعقاع يقرأها من " حزنه " - ثلاثياً - إلا التي في الأنبياء، وهذا من الجمع بين اللغتين، والقراءة سنة مُتَّبَعَة ".
وقرأ الجماعة :" يسارعون " بالفتح والإمالة، وقرأ النحوي " يسرعون " - من أسرع - في جميع القرآن، قال ابن عطيةَ :" وقراءة الجماعة أبلغ ؛ لأن مَنْ يسارع غيرَه أشد اجتهاداً من الذي يُسرع وحده ".
قوله :﴿ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً ﴾ في نصب " شيئاً " وَجْهَانِ :
أحدهما : أنه مصدر، أي : لا يضرونه شيئاً من الضرر.
الثاني : أنه منصوب على إسقاط الخافض، أي : لن يضروه بشيء. وهكذا كل موضع أشبهه ففيه الوجهان. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٦٥ ـ ٦٦﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٧٦)﴾
زاد في قوة قلبه بما جدَّدَ من تأكيد العهد، بأنه لا يشْمِتُ به عدوًّا، ولا يُوَصِّل إليه من قِبَلِهم سوءاً. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٩٨﴾


الصفحة التالية
Icon